بقلم: حنان الطيبي
حدث أن نخاسا عرض عليه غلام للبيع، وذكر صاحبه للنخاس أن الغلام خدوم ومجد ولا يعيبه عيب سوى أنه نمام، وأن ثمنه زهيد جدا، فكان ان عرض النخاس بدوره الغلام للبيع كما ذكر صاحبه، وسمع شهبندر التجار ما سمع عن الغلام فاشتراه واخذه معه إلى البيت، وظل العلام في خدمة أهل البيت نهارا كاملا، استطاع من خلاله معرفة كل أسرار البيت وعلى رأسها ان زوجة الشهبندر تشك في وفاء زوجها..
فتقرب الغلام من سيدة المنزل وعرض عليها أن يكون عينها التي ترى وأذنها التي تسمع على أحوال زوجها، فوافقت الزوجة ووعدت الغلام بمكافأة..
وراح الغلام نهاية اليوم إلى سيده يعرض عليه خدماته ويحكي له أسرار البيوت التي سبق وخدم فيها ليتقرب منه، إلى ان جعل الشهبندر يطمئن إليه وأجلسه معه في اجتماع بمساعده اتفق معه ان يخرجا الليلة خفية من اجل الوقوف على العمال لتفريغ بضاعة قادمة طال انتظارها..
فكان على الغلام ان هرول إلى سيدته واخبرها أن زوجها ينوي الذهاب الليلة لخطبة ابنة الوزير لنفسه رفقة مساعده، فاحتارت الزوجة واستشاطت غضبا، واسرت للغلام ان قلبها كان في شك من ذلك وأنها الآن تأكدت من عدم وفاء زوجها لها، فأشار عليها الغلام أن تقص جزءا من لحية زوجها بعد خلوده للنوم، وأن تأتيه بشعيرات من لحيته ليعمل له عملا يجعله يعدل عن نيته في الزواج، فكان ان وافقت الزوجة وصارت تنتظر خلود زوجها للفراش.
ثم ذهب الغلام للزوج وأخبره ان زوجته تصاحب مساعده وانها تنوي قتله إذا ما غفت عيناه، فحذره شديد الحذر وأوجس الخيفة في قلبه، وكان ان مد كل واحد منهما سكينا وراح إلى فراشه.
وبعد ساعات قليلة تسحبت الزوجة بسكينها نحو الزوج لتقص بعضا من شعيرات لحيته، فقام الزوج الذي كان يدعي النوم بطعن الزوجة في قلبها فارقت الحياة بسببها في التو واللحظة، وعندها قام الغلام بالصراخ والعويل فاخذ الزوج ذيله في أسنانه وهرب من البيت…، فاجتمع الناس وعلمت بعدها قبيلة الزوجة بما وقع لابنتهم وشنت حربا مميتة على قبيلة الزوج الهارب إلى أن دامت الحرب ماشاء الله ومات فيها المئات من القبيلتين من أقارب الزوج والزوجة.
الدرس الأول: لا تشتري شيئا به عيب مهما كان رخيصا
الدرس الثاني: لا تأمن لشخص يحكي لك أسرار الناس لأنه سيأتي يوم ويحكي اسرارك للناس ايضا.
الدرس الثالث: لا تملك أمرك لشخص اقل منك ولا تجعل زمام امورك بين يدي من هم غرباء عنك وأقل من مستواك الفكري والاجتماعي.
الدرس الرابع: تحاور مع خصمك حتى وإن كان عدوا لك ولا تجعل بينكما وسيطا خصوصا إذا كان هذا الوسيط غريبا عنكما أنتما الإثنين.
خلاصة القول العاقل من يخمد النار في مهدها والأحمق من ينفخ في رماد النار ليضرمها، وعود ثقاب واحد يشعل غابة بأكملها عن بكرة أبيها.