ابراهيم الدردوخي لا شئ يميل إلى الهناء وراحة البال اذا كنت تمارس السياسة أو مهوسا بها، فهي الحصة من نصيبها كل شئ يبقى واردا، إما أن تغادرها مسلما روحك إلى بارئها مع أيادي تختطف وتقتل أو تحزم حقائبك مغادرا صوب واقع عليه يكنز لك وابل من السب والشتم واللوم عليك من حيث لم يعهدوك مع السلطة تفشل في مسؤولياتك. نذكر أن ما حدث لحزب العدالة والتنمية في الإنتخابات الأخيرة يمكن أن يحدث لأي حزب سياسي آخر كيفما كان لونه أو تموقعه الى جانب الأحزاب الأخرى، فليس أن الحزب لم يبلغ ذروة خطاباته الممتلئة وعودا في برنامجه الإنتخابي سنة 2016 وعلى مر السنوات 11 سنة خلال تربعه على رأس الحكومة، بحيث أنه لم يلتفت للإنصات لهموم ومشاكل المواطنين المغاربة، وبالتالي لم ينجح في مهمته مثلما نجح في كسب عقول نصف المغاربة قبل التصويت. إن ما يفيض اللعبة السياسة عندنا ويجعلها تواري مثواها الأخير هو الشغف وحب الإستطلاع، ومن يرتاد طريق الموضوعية ويتحرى الوقائع لتوفير حلول، فمنؤاذه الدرك الأسفل في ممارساته السياسية والديمقراطية. نستشهد أن كل الذين ناضلوا وكافحوا وفي قلوبهم ذرة من الإيمان القوي بالعمل الدؤوب ومن حرصهم وتشبتهم بهذا المسار غادرو هذا الفضاء إما حرقا وانتحارا من عقولهم وأجساهم أو معتقلين متبوعين بالتهم، أو مغتالين لا أثر لهم، والقصة اليوم تجري على موت عبد الوهاب بلفقيه الذي قبل أن يعتزل العمل السياسي الذي لم يعد يرضيه غادره بصفة نهائية.وهذه إشارات وغيرها كثير تئن إلى أن ممارسة العمل السياسي يبقى طريقا غير سالك في ظل فشل المجتمع بمؤسساته في ارتياد طرق المنهاج الديمقراطي الواضح وفي ظل التستر على جرائمه، وفي ظل أيضا عدم التوازي والاعتراف بالمنافسة الشريفة.
حزب العدالة والتنمية ومن زاوية ليست دفاعا عنه أو طمسا لحقيقته ولمشواره السياسي، كان كغيره آت أن يرضي مواطنه، وأن يشتغل على على تعميم برنامجه الانتخابي وعلى المضي قدما في تدبير الشأن العام، لكن ونظرا لسوء التردي السياسي ولقدرة المرء على تعكير هذا المشهد بما يخلق الفجوة ويميل بالكفة لحساب شخص أو كتيبة عن أخراها، انتهى كل شئ كأن الحزب لم يعهده الناس منافسا له مكانته مع باقي الأحزاب الأخرى، ويمكن أن نقول بأنه تراجع دوره ليس لأنه لم يلتزم فقط، بل لأنه محاط بشبكة من رموز سياسية هدفها العصيان ومحاربته في نجاحاته وإن تكن اليوم محط سجال عليه.
ماذا تنتظر أن تفرزه لنا السياسة اذا لم يكن الموت آخر ومضاتها، وإذا لم تكن التهديدات التي يتلقاها الكثيرون سبيلا لستر عورة المنافس الذي أبى ترك الكرسي لآخر، وماذا تنتظر أن تأججه رياح هذه السياسة اذا كانت النخب المثقفة يتم الاستغناء والإطاحة بها بعد طول عناد وتمويه، أوليس في الأمر تصفية حسابات ومواجهة أصحاب التنوير ان احترفنا التمعن جيدا. عبد الرحيم بوعيدة نموذج وآخرون ممن فضلوا مغادرة هذه المنصة لإراحة ذويهم وأقربائهم أمثلة حية حول الواقع الذي صارت عليه سككنا السياسية، ولأن بناء هذا الجسر لم يعد يتناسب مع ذوي الكفاءة وأصحاب التخصص بقدر ما هو متاح لمن له الزاد، نامت المصالح العامة وانقرضت، وبالتالي تبقى كل اختيارات المواطن فرصا لأحلام لا يدري جميلها من فزعها.