حين تنطق مدينة فاس٠بقلم مصطفى مجبر

رئيس التحرير19 سبتمبر 2021
حين تنطق مدينة فاس٠بقلم مصطفى مجبر
رئيس التحرير

بقلم مصطفى مجبر

يتوقع أنه إذا اجتمعت ألفة من فقهاء المحراب على شئ واحد أفسدوه بطعم الاختلاف في الكلام والأفكار، وكلما زاد فهمهم في التفسير ومخاطبة الناس يتشدقون لفن الإقناع أكثر ما يسلكون الطرق الصحيحة من فتاويهم وخطاباتهم. ما يحدث في فاس والتي كان الجميع يعتز بقيم رجالاتها ونساءها وبمكانتهم العلمية حتى وقع عليها باعتبارها عاصمة علمية، يحاول الإندحاريون اليوم وأصحاب ” الشكاير” إفساده على طرقهم السياسية، ولكثرة المماطلة والتسويف رجعت كلها منابع اصلاحاتها تأتي من تحالفات خرجت من نواة النية إلى خلايا تشتغل على نمط الاقتراعات، قمار في نجاح أحد يكنز تحالفه لآخرين من خلال هذا الهرم الإنتخابي. صحيح أن التعاون والمشورة يقوي القدرة على تنفيذ المخططات والمشاريع، كما هو معلوم أن اليد الواحدة لا تصفق مالم تكن جارتها اليسرى مساندة ليمناها، لكن غير منضبط أن يقود الإصلاح من يهب نفسه أمينا صالحا يقوم منصهرا على ضمان صوته الإنتخابي، محترفا اللعبة السياسة التي خرجت من رحمها الثقة الكاملة. غير عزيز على أصل القاعدة أن تكون الحملات الإنتخابية مجرد يافطة مساعدة على تعميق الفجوة على حساب مرشح عن حزب آخر، ثم تنتهي المسرحية ويفوز من عربد طويلا مع الخاسر الذي عمر طويلا.

فاس تكسب رجالاتها من عمل متأصل ومحبوب، وصوتها الذي تدلي بها في سبيل هذا الوطن، نابع من قدرتها على حسن اختياراتها لمرشحيها وليقينها بالعمل المسالم من وخز كثرة الإبر الغير المكشوفة، فاس ليس ابريقا لمجالس جماعية تكسب وراثيا، أو ترزق على أحبال ” تمسكن حتى تتمكن” وغير معهود على ساكنيها ممارسة الشيطنة وتكريس لوجوه الولوجية في تحبيب سياسة عوجاء أكل عليها الدهر وشرب، فالأمر الذي فيه تستفتنون كشف عن سوء الأحوال في تدبير هذا المجلس وفي تقريب صور نموذجية محترمة لقطاعات أخرى، مادامت اللعبة نامت بعد الحملة الإنتخابية ثم استيقظت على قصة خرب هوامشها التحالف. وبالتالي فيمكن تصنيف هذا الزخم من الوجوه التي تبدو نبيلة زمن كل اقتراع منحوس في وجه هذه المدينة التي تزداد تندحر بسبب اختراقات في الممارسة السياسية التي أهلكتها لهوا ولعبا وافتراء.

رغبة حميد شباط الأمين العام لحزب الإستقلال سابقا بالعودة لرئاسة عمودية فاس، هو استدعاء ثاني بالنسبة له عرف من خلاله حق قدره وقدر مدينة، أسقط من يدها الغالي والثمين المنسوب لإخفاقات أحوال المسؤولين عنها، وبالتالي فعودته في حال ان ترك للمدينة شهادة بها يدخلها شريفا، هي عودة قد ساغتها لقاءات انتخابية جديدة أخرى أفلسها التحالف. لا يمكن لعجوز أن يدرك حق شبابه مالم يعمر طويلا في بركة من العجز والهلاك ثم يعود مثقلا بالهم تسوقه تخمينات كيف فر منه شبابه ولياقته وكيف دقت ساعته يبيت منتظرا، فما يحدث في فاس يكمن في سر جوهرها السياسي، من طينة حال، اذا كان المقود السياسي مستقيما غير معوج به، تصير معه كل اختيارات ساكنيها صحيحة، ما لم تكن مصاحبة لدروب تحالفات أصلها من بابها ضيق ومحدود الأفق.

الاخبار العاجلة