غياب الرقابة الغذائية وانتشار ظاهرة تسمم التلاميذ في غياب مراقبة الجودة والاستهتار بصحة الفئات الهشة

مصطفى مجبر20 نوفمبر 2024
غياب الرقابة الغذائية وانتشار ظاهرة تسمم التلاميذ في غياب مراقبة الجودة والاستهتار بصحة الفئات الهشة

بقلم ذ.مصطفى مجبر

مرة أخرى، تكشف سلسلة من حوادث التسمم الغذائي في المدارس المغربية ضعفا مقلقا في الرقابة على الأغذية الموجهة إلى فئة هي الأكثر هشاشة في المجتمع وهي التلاميذ؛ هذه الحوادث، التي شملت استهلاك رقائق البطاطس المغلفة ووجبات مدرسية ملوثة، تطرح أسئلة حادة حول الأولويات في نظام تعليمي يفترض أن يكون بيئة آمنة، لا مصدر خطر.

كيف يمكن القبول بأن يتحول الإطعام المدرسي إلى قنبلة موقوتة؟ لا يمكن فصل ما حدث عن سياسة الاعتماد على متعهدين خارجيين في توفير الوجبات المدرسية، حيث يغلب الربح على الجودة، ويغض الطرف عن الالتزام بالمعايير الصحية..,غياب الرقابة هنا ليس مجرد تقصير إداري، بل هو انعكاس لفجوة أخلاقية وأزمة في المسؤولية.

الحوادث الأخيرة هي صرخة لإعادة النظر في البنية الكاملة لنظام الإطعام المدرسي. هذا النظام يحتاج إلى تغييرات جوهرية تتجاوز الحلول المؤقتة والتحقيقات التي غالبا ما تنتهي بتقارير تركَن دون تنفيذ، يجب أن نرى سياسات صارمة تضمن توريد أغذية صحية ومعايير صارمة في التخزين والإعداد، مع رقابة فعلية تعاقب المخالفين بشدة.
التحقيقات الأولية أشارت إلى أن ضعف الرقابة على الأغذية المقدمة للتلاميذ، سواء داخل المدارس أو تلك المباعة في محيطها، كان السبب الرئيسي وراء هذه الأزمة. وتبرز المشكلة بشكل خاص في نظام الإطعام المدرسي، الذي يعتمد غالباً على متعهدين خارجيين لا يخضعون لإشراف دقيق، مما يؤدي إلى تقديم وجبات غير مطابقة للمعايير الصحية.

هذه الحوادث أثارت دعوات من أولياء الأمور والهيئات الحقوقية لتشديد المراقبة والمحاسبة، وضمان أن تتماشى الأغذية المقدمة للتلاميذ مع معايير الجودة. كما طالب البعض بإعادة هيكلة نظام الإطعام المدرسي وإخضاعه لرقابة صارمة ومستمرة لضمان سلامة التلاميذ.
الأمر يتجاوز النقاش التقني حول الأغذية ليطرح أسئلة أعمق: كيف ننظر إلى أطفالنا؟ هل هم أولوية حقيقية أم مجرد أرقام في خطط إدارية؟ حوادث التسمم الغذائي ليست مجرد أحداث عابرة، بل هي مرآة لنظام يحتاج إلى مراجعة شاملة في قيمه وآلياته.

في النهاية، الحفاظ على صحة التلاميذ هو التزام أخلاقي ومسؤولية وطنية، وليس رفاهية يمكن التنازل عنها. ومن المؤكد أن المجتمع سيحكم بقسوة على أي نظام تعليمي يفشل في حماية أضعف حلقاته. إذا لم نتصرف اليوم، فإننا نقامر بمستقبل أطفالنا، وما أغلى هذا الرهان!

المصدر مصطفى مجبر
الاخبار العاجلة