“النقل الحضري بفاس: حافلات متهالكة وخدمات سيئة ومفاجأة غير سارة للمواطنين!”

مصطفى مجبر23 أكتوبر 2024
“النقل الحضري بفاس: حافلات متهالكة وخدمات سيئة ومفاجأة غير سارة للمواطنين!”
مصطفى مجبر
مصطفى مجبر

يبدو أن مسلسل المعاناة مع أسطول النقل الحضري بفاس لا نهاية له، فمنذ أن وضعت الشركة يدها على قطاع النقل الحضري، أصبحت المدينة تعيش كابوسا يوميا، تتجلى مظاهره في اهتراء الحافلات والحوادث المتكررة التي تكاد تكون جزءا من الروتين اليومي!؛ هذه الحافلات المتهالكة، التي لم تعد تليق بأن تحمل وصف “وسيلة نقل”، أصبحت مصدر رعب للركاب، وخاصة للنساء والأطفال.

أضف إلى ذلك الاكتظاظ الذي يشهده كل خط من خطوط الحافلات، حيث يتكدس الركاب كما لو كانوا في علبة سردين، بجميع الخطوط، ولا يمكن للمرء أن يجد مقعدا يجلس عليه حتى ولو قطع تذكرة مبكرة.
المواطنون يقفون في طوابير طويلة بمحطات الحافلات، في معاناة طوال السنة سواء مع الحر الشديد أو البرد القارس. المحجبات وغيرهن من النساء يضطررن إلى تقبل الازدحام المفرط، والشيوخ والمرضى ينتظرون لساعات تحت الشمس الحارقة في الصيف، وتحت الأمطار الغزيرة في الشتاء، بينما الحافلات تتأخر وكأن الالتزام بالمواعيد رفاهية غير متاحة.

المواطنون كانت صدمتهم كبيرة عندما أعلنت شركة “سيتي باص” عن نيتها رفع تعريفة الركوب ابتداء من نوفمبر 2024. نعم، الحافلات المهترئة ستصبح أكثر تكلفة! كيف تجرؤ هذه الشركة على مطالبة المواطن البسيط بدفع المزيد من المال مقابل خدمات متدنية بهذا الشكل؟! الحجة الجاهزة هي “أزمة مالية”، حيث لم يتم رفع الأسعار منذ 2016 وتأخرت السلطات في تسديد مستحقات تصل إلى 62 مليون درهم.

لكن، كيف يمكن للشركة أن تتحدث عن أزمة مالية وهي تقدم خدمات أقل ما يقال عنها أنها سيئة؟ وهل تحسين جودة النقل يحتاج إلى زيادة في الأسعار، أم إلى إرادة حقيقية من الشركة لتحسين خدماتها؟

إن الأزمة الحقيقية لا تكمن فقط في أزمة مالية تدعيها الشركة، بل في أزمة ثقة عميقة بين “سيتي باص”والمواطنين..

فمنذ سنوات، والساكنة تعاني من تدني مستوى الخدمات، حيث لا يقتصر الأمر على اهتراء الحافلات والاكتظاظ المزعج، بل يتعداه إلى عدم احترام المواعيد والتأخير المستمر، مما يفسد على المواطنين برامجهم اليومية ويزيد من ضغوطاتهم النفسية والمادية.

الموظفون والطلاب والنساء العاملات هم من أكثر الفئات تضررا، تخيل نفسك تنتظر الحافلة لأكثر من ساعة في محطة مليئة بالركاب المتوترين، وفي النهاية تأتي حافلة مكتظة بالركاب إلى درجة لا يمكن معها حتى التنفس. ورغم كل ذلك، أنت مطالَب بأن تدفع المزيد من المال!, هل هذه هي العدالة الإقتصادية و الإنسانية؟ هل هذه هي “الخدمة العامة” التي يستحقها المواطن الفاسي؟

الشركة تزعم أن زيادة التعريفة هي ضرورة مالية لتحسين أوضاعها، لكنها لم تقدم أي ضمانات بأن هذه الأموال الإضافية ستترجم إلى تحسينات ملموسة على مستوى الخدمات، بل على العكس، فإن المواطنون يخشون أن تستمر نفس المشاكل وربما تتفاقم، بينما تزداد أرباح الشركة على حساب جيوبهم المثقلة أساسا.

من غير المنطقي أن يبقى المسؤولون يتفرجون على هذا الوضع دون تدخل حازم، فهم ايضا يتحملون جزءا من المسؤولية بسبب تأخر الشركة في تسديد مستحقاتها. ولكن هذا لا يمنح “سيتي باص” حق استغلال الأزمة لتحميل المواطن عبئ فشلها في إدارة قطاع النقل الحضري بكفاءة.

يحق للمواطن الفاسي أن يسأل: لماذا فاس تحديدا تعاني من أزمة نقل حضري؟ وأين تذهب هذه الأموال؟ لماذا لا نرى استثمارات حقيقية في تحديث أسطول الحافلات؟ ولماذا لا يتم تحسين أوقات الانتظار ورفع مستوى الراحة؟ الزيادة في الأسعار يجب أن ترتبط بتحسين الخدمة، لا أن تكون مجرد وسيلة لسد عجز مالي على حساب الركاب.

ختاما، إذا استمرت “سيتي باص” في تجاهل متطلبات المواطنين وتقديم الخدمات السيئة نفسها مع زيادة التعريفة، فإن الأزمة ستتحول إلى أقل ردة فعل بالتخلي التام عن خدمات الشركة، فالساكنة الفاسية تستحق أفضل من ذلك، وتستحق وسائل نقل حضرية لائقة تحترم آدمية الركاب وتساهم في تحسين حياتهم اليومية، لا أن تكون مصدرا للإحباط والاستغلال المتواصل.

الاخبار العاجلة