مهرجان حب الملوك بصفرو.. نسخة باهتة بين سوء التسيير وغياب الروح الفنية

مصطفى مجبر9 يونيو 2024
مهرجان حب الملوك بصفرو.. نسخة باهتة بين سوء التسيير وغياب الروح الفنية
مصطفى مجبر
مصطفى مجبر

بقلم: مصطفى مجبر

شهدت مدينة صفرو مهرجان حب الملوك في دورته المئوية بداية متعثرة ومخيبة للآمال، ليؤكد أن سوء التسيير والتدبير يمكن أن يحول حدثاً ثقافيا عريقا إلى نسخة باهتة خالية من الروح والإبداع. تعددت مظاهر الفشل التي تخللت هذه الدورة، بدءا من الإقصاء الممنهج لفعاليات المجتمع المدني، وصولا إلى تحويل المهرجان إلى مجرد سلسلة من الحفلات الغنائية، ما أثار استياء المقاولات والجمعيات المحلية، وأدى إلى مقاطعة الكشفية الحسنية المغربية لأنشطة الجماعة

في مدينة صفرو، حيث تمتزج الروح بالتاريخ، كان من المنتظر أن يشهد مهرجان حب الملوك في دورته المئوية احتفالاً يليق بمكانته العريقة. إلا أن النسخة الحالية جاءت باهتة، مخيبة للآمال، ومثقلة بسوء التسيير والإقصاء المتعمد لفعاليات المجتمع المدني. تحول هذا الحدث الثقافي من رمز للفخر والتراث إلى مشهد يعكس الفوضى وسوء التنظيم، مما أثار غضب الجمعيات المحلية والمقاولات. إن مهرجان حب الملوك، الذي كان يجب أن يكون تظاهرة ثقافية بامتياز، أصبح مثالا حيا على كيف يمكن للقرارات الخاطئة أن تفسد أجمل التظاهرات وتحولها إلى مجرد ذكرى سيئة في ذاكرة المدينة وأهلها.

مهرجان حب الملوك بصفرو، الذي كان من المفترض أن يكون مناسبة للاحتفال والاعتزاز بالتراث المحلي، تحول إلى نسخة باهتة تعكس سوء التسيير والتدبير، والإقصاء الممنهج لفعاليات المجتمع المدني. هذه الدورة المئوية للمهرجان تشكل دعوة وزارة الثقافة لإعادة النظر في سياساتها وفتح حوار جاد مع المجتمع المدني، لتجنب تكرار هذه الإخفاقات في المستقبل، وضمان أن يعود المهرجان إلى سابق عهده كحدث ثقافي مميز يعكس الهوية الثقافية لمدينة صفرو.

إقصاء المجتمع المدني وتفضيل أطراف معينة:

منذ البداية، تجلت علامات التعثر في سوء التسيير والتدبير، إذ عمدت الجهات المنظمة إلى إقصاء فعاليات المجتمع المدني، مفضلة أطرافاً معينة على حساب الآخرين. هذه السياسة التفضيلية أثارت حفيظة العديد من الجمعيات التي شعرت بأن حقوقها تنتهك، وأن مساهمتها الفعالة في إنجاح المهرجان تتعرض للتجاهل المتعمد. ومن هنا، جاء إعلان الكشفية الحسنية المغربية عن مقاطعة أنشطة الجماعة احتجاجاً على هذا الإقصاء، داعية الجمعيات الأخرى لاتخاذ موقف مشابه حتى يتراجع المجلس الجماعي عن سياساته ويفتح حواراً مع المجتمع المدني.

تفويت المهرجان والمعهد البلدي الموسيقي لوزارة الثقافة
زادت قرارات تفويت المهرجان والمعهد البلدي الموسيقي لوزارة الثقافة من استياء الائتلاف المحلي، حيث رأى فيها تناقضاً مع توجهات الجهوية الموسعة.

إن مثل هذه القرارات تُظهر مدى عدم الاكتراث برأي المجتمع المحلي الذي يشعر بأنه يُستبعد من المشاركة في تنظيم وإدارة المهرجان، وهو أمر يتعارض مع مبدأ المشاركة الفعالة الذي يُفترض أن يكون جوهرياً في مثل هذه الفعاليات.

إشكالية توزيع شارات الصحافة:

من جانب آخر، عكست عملية توزيع شارات الصحافة بشكل عشوائي مدى الفوضى وسوء التنظيم الذي طغى على المهرجان. ورغم طلب الجماعة وثائق للتحقق من هوية الصحافيين، إلا أن هذه الخطوة لم تكن كافية لتجنب الفوضى، مما أثار تساؤلات حول جدوى الإجراءات المتخذة ومدى جديتها. لماذا لم تعقد ندوة صحفية لتقديم المهرجان كما جرت العادة في الدورات السابقة؟ سؤال يستحق التفكير، خاصة أن مديرية التواصل بجهة فاس مكناس تطلب سنوياً من الصحافيين تحيين بطائقهم المهنية، فما الذي حدث هذه السنة؟

مقاطعات وانتقادات لاذعة:

تحول المهرجان إلى مجرد حفلات غنائية قوبل بانتقادات لاذعة من فعاليات محلية كانت تتطلع إلى حدث ثقافي يعكس تنوع وثراء التراث المحلي. هذه الفعاليات، التي أملت في استثمار هذا المهرجان لإبراز هوية المدينة الثقافية، وجدت نفسها أمام نسخة باهتة لا تحمل من المهرجان سوى الاسم. هذا الفشل في التنظيم والتحول نحو الشكلية أثار استياء العديد من المتابعين الذين أعربوا عن خيبة أملهم من تحول مهرجان حب الملوك إلى مجرد مناسبة للغناء والرقص، بعيداً عن الأهداف الثقافية الحقيقية التي كان يُفترض أن يسعى لتحقيقها.

مقاوضات قانونية:

في ظل هذه الفوضى وسوء التنظيم، لم تتردد بعض المقاولات في الإعلان عن استيائها من عدم الإعلان عن صفقة الملتقى الثقافي، ورفعت مبلغ السند، ملوحة بمقاضاة المجلس الجماعي. هذه الخطوة تعكس مدى الاحتقان والتوتر الذي خلفته السياسات التفضيلية وسوء التدبير، وتكشف عن حجم الخلل الذي يعاني منه المهرجان في دورته المئوية.

في ختام هذا النقد الصادق والمنطقي، فإن دورة مهرجان حب الملوك بصفرو في مئويتها لم تكن سوى مزيد من الأمثلة على كيف يمكن للإهمال والتفاضل والإقصاء أن يُحولوا أعظم الفعاليات إلى ذكرى مريرة. إنها دعوة للتفكير العميق والعمل الجاد، ليس فقط من قبل المسؤولين في المجلس الجماعي، أو بوزارة الثقافة بل من قبل كل فاعل ثقافي ومدني في المدينة، للوقوف موحدةً ضد مثل هذه الممارسات الضارة، ولإعادة الحياة والروح إلى مهرجان حب الملوك، كما كان ينبغي أن يكون. إن العمل المشترك والحوار الصادق هما المفتاحان لضمان أن يبقى مهرجان حب الملوك في صفرو، لا يوماً مجرد ذكرى، بل تظاهرة ثقافية مشرقة تحيي تراث المدينة وتعكس جمالها وروعتها في كل عام قادم.

الاخبار العاجلة